ناشط شركسي يتهم موسكو باعتبارها قباردينو - بلكاريا مستعمرة


الكاتب: فاليري دزوتسيف 
ترجمة: عادل بشقوي

في مقابلة أجراها الموقع الالكتروني كفكازسكايا بوليتيكا مع فاليري خاتاجوكوف وهو ناشط الحقوق المدنية المعروف ومقره في قباردينو - بلكاريا، عبر فيها بالتفصيل عن خيبة أمله من الطريقة التي تعامل بها الحكومة الروسية شمال القوقاز. “تبني موسكو نظام الحكم في الجمهوريات العرقية في شمال القوقاز على أساس العلاقات بين العاصمة ومستعمراتها"، مضيفا أن الأفراد المحليين الذين تستغلهم موسكو للحكم هناك "يعطى لهم تفويضا مطلقا من أجل إخضاع أقرانهم المواطنين”. وقال خاتاجوكوف بأنه "ونتيجة لذلك، فإنه في جمهورية مثل قباردينو - بلكاريا، التي هي كيان موالي لروسيا، يصاب الناس بالاستياء. وأضاف: ”والموقف تجاه شمال القوقاز باعتباره حدود استعمارية يساهم ليس فقط بالحفاظ على وحدة روسيا، ولكن في  تفككها .

إن الفرق في معاملة اللاجئين العرقيين الشركس من سوريا واللاجئين العرقيين الروس من أوكرانيا هو سبب آخر أدّى للإحتكاك بين الشركس والروس. أرسلت مجموعة من الشركس رسالة مفتوحة إلى رئيس حكومة قباردينو - بلكاريا بالوكالة، يوري كوكوف طالبين بأن تتعامل الحكومة مع اللاجئين الشركس من سوريا بنفس طريقة تعاملها مع اللاجئين الروس من أوكرانيا . وعدت قباردينو - بلكاريا بإيواء ما يصل الى 500 لاجئ عرقي روسي من شرق أوكرانيا، وقدمت لهم إقامة كاملة وسكن وذلك على حساب ميزانية الجمهورية . من ناحية أخرى فإن اللاجئين الشركس من سوريا، لم يتلقوا أي فوائد والعديد منهم حتى تم رفض منحهم تأشيرات سفر روسية.

باعتباره ناشطاً في مجال الحقوق المدنية، فإن خاتاجوكوف قلق في الغالب من الوضع الأمني في الجمهورية وانتهاكات السلطات المتصلة به، والتي ترتكب من قبل وكالات إنفاذ القانون. ووفقا للناشط أصبحت عمليات الإنتقام غير القانونية والخطف وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان متأصّلة في الجمهورية. وقال إنه لتحسين الوضع في قباردينو - بلكاريا، يجب أن يمارس المجتمع الرقابة على الحكومة. غير آن موسكو صادرت حق الشعب في قباردينو - بلكاريا في انتخاب حاكمهم. وقال خاتاجوكوف: “يجب أن يحظى زعيم الجمهورية [الحالي] بالدعم الحقيقي من شعبه من خلال الانتخابات". "هذا الدعم، في المقابل، سيصبح حملاً ثقيلاً [لجعل] الزعامة الفيدرالية والحاكم نفسه يعملون على الدفاع عن مصالح السكان [في قباردينو - بلكاريا]” .

ومع ذلك، فالآن، يستخدم الحاكم بالوكالة كوكوف صلاحياته الإدارية، حيث أطاح بهدوء بأغلبية نواب برلمان الجمهورية  الذين انتخبوا في الانتخابات الأخيرة، مستعيضاً عنهم بمؤيديه. ومن المتوقع في يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول، أن يصادق البرلمان الإقليمي على كوكوف حاكما لقباردينو - بلكاريا، ولا يتوقع هناك حصول أية مفاجآت .

قد يكون خاتاجوكوف على صواب كي يقترح وجود انتخابات حرة ومباشرة للحكام في المنطقة، ولكن السؤال هو ما إذا كانت موسكو تريد حقا حكاماً أقوياء في شمال القوقاز، من الذين يمكنهم أن يحظوا بدعم من ناخبيهم، ويكونوا على مقدرة لتحدّي ما يسمى بِ"السلطة الرأسية”. على وجه الخصوص، ونظراً إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يكاد يعترف بقادة الدول المجاورة على أنهم نظرائه المشروعين، فهو من المؤكد يكاد يكون لا يرغب في وجود حكام إقليميين يكونوا مسؤولين منتخبين، وبالتالي أكثر استقلالا. عندها سيكون على بوتين أن يعاملهم ليس كمرؤسين لا صوت لهم، ولكن كزملاء. والفيدرالية الحقيقية للفيدرالية الروسية يمكن أن تحدث بعد أن يترك بوتين منصبه، رغم عدم وجود ضمان بأن البلاد ستتحول تلقائيا إلى فيدرالية حقيقية بعد أن يترك السلطة.

طالما أن الرجل القوي في روسيا يبدو عازما على البقاء في منصبه لفترة طويلة، فإن هناك أملاً ضئيلاً بإحداث تغييرات إيجابية وشيكة في شمال القوقاز. إذن، ليس من المستغرب، أن العديد من الشركس يتطلعون إلى جيرانهم ليجدوا بعض الدعم لمطالبهم ومصالحهم. بعد سنوات من العداء، تحولت جورجيا بشكل غير متوقع إلى حليف للشركس. حيث رفضت موسكو المطالب الشركسية بالاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية التي حدثت في القرن التاسع عشر. ولم تبذل الحكومة الروسية أيضا أي جهد لإظهار التقدير للثقافة الشركسية خلال إقامة دورة الألعاب الاولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي، والتي أقيمت على أراضي أجدادهم. ولم تُقْدِمْ روسيا تقريبا على أي تحركات من شأنها قبول اللاجئين الشركس من سوريا. ونتيجة لذلك، فإن موقف الشركس نحو جورجيا تحسّن باضطّراد.

إن زيارة الناشط الشّركسي والمخضرم في الحرب الجورجية - الأبخازية في تسعينيات القرن الماضي إبراهيم يغنوف قبل عدة سنوات إلى تبليسي، اعتبر في وقتها بأنه شيء مثير. في الوقت الحاضر، عندما يقوم فريق من محفوظات (أرشيفات) الدولة من قباردينو- بلكاريا بالسفر إلى تبليسي لتصوير (نسخ) المواد الأرشيفية المتعلقة بالحرب الروسية - الشركسية التي حصلت في القرن التاسع عشر، فإنه يعتبر عملا روتينياً. حدّد أخصائيّو المحفوظات من قباردينو - بلكاريا وأبدوا اهتمامهم بأكثر من 200 مجلد مخزّنة في أرشيفات الدّولة في تبليسي . وهناك بعض الشركس يدعون حتى إلى اتحاد بين الجورجيين والشركس .

كما تواصل موسكو إصرارها على إدارة السياسة-التفصيلية في شمال القوقاز، فإن التوترات في ازدياد على الأرض لأن الناس يطالبون بدور أكبر في إدارة شؤونهم. وتشير النخب المحلية الى إمكانية أن تأتي استراتيجية روسيا في المنطقة بنتائج عكسية لأن الناس أصيبوا بالاحباط نتيجة لعدم قدرتهم على التأثير في السياسات من خلال آليات إنتخابية. وعدم رغبة الحكومة المركزية التعامل مع مشكلة التمثيل يخلق أرضا خصبة للاستياء السياسي وأساساً لإنماء الاضطّرابات في المنطقة.

المصدر: